top of page

العنف على وسائل التواصل الإجتماعي يجبر النساء على الإنسحاب من الفضاء العام



تواجه النساء العراقيات أشكالا من العنف على وسائط التواصل الاجتماعي تتمثل في تعليقات يُسطّرها الذكور، ويتركون فيها تحريضًا وتشهيرًا لا يمكن ردعه أو التخفيف من آثاره، لأسباب منها نقص في القوانين وثقافة المجتمع التي لا تضع في اعتبارها التمييز بين ضحايا التنمر إذا كانوا رجالا أو نساء.

ويعاقب القانون العراقي على جريمة القذف والسب، لكن مستخدمي الشبكات يمكنهم التخفي وراء حسابات وهمية للإفلات من العقاب.

يوضح استفتاء أجرته كاتبة المقال على منصة إنستغرام، شمل 30 امرأة تتراوح أعمارهن بين 17 و35 سنة، من 9 مدن في وسط البلاد وجنوبها، أن 90 في المئة منهن تعرضن للأذى النفسي جراء تعليقات عنيفة كتبها رجال على صفحاتهن، أو في رسائل خاصة وصلتهن من أسماء وهمية.

قالت سيدة، طلبت عدم نشر اسمها، أنها اضطرت إلى إغلاق حسابها لأشهر بعد أن فرضت عليها عائلتها عدم التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية تعليقات من رجال "انتقدوا اختيارها للملابس".

وقالت فتاة أخرى تبلغ من العمر 18 عامًا، أن حسابًا وهميًا وضع تعليقًا في منصة إنستغرام تضمن صورة لها، تم التلاعب بها بتقنية بالذكاء الصناعي، وقد ظهرت في وضع غير لائق، كما أن مُدرّسة من بغداد، صرّحت بأنها توقفت عن المشاركة في نقاشات عامة على مواقع التواصل الاجتماعي لأن آرائها "تُجابه بحملة تعنيف لا يمكن إيقافها".


القانون لا يحمي في كل الحالات

يعاقب القانون العراقي، وفق المادة 433، بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين " كل من قذف غيره بإسناد واقعة معينة إليه بإحدى طرق العلانية، إذا كانت تلك الواقعة تستوجب عقاب من أسندت إليه أو تؤذي سمعته، وبالعقوبة نفسها يحاكم المدان بالسب".

في هذا الصدد، يقول المحامي محمد جمعة، أن الحماية القانونية من التنمر تشمل الجميع وفق القانون العراقي، لكن التحرك لا يتم إذا كانت القضية مقيدة ضد حساب مجهول.

وأوضح جمعة، أن العقوبة في قضايا السب والقذف تكون الحبس لمدة سنة إذا وقع عبر النشر في وسائل الإعلام، ومنها وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يُعتبر ذلك ظرفًا مشددًا، ما يعني أن المحكمة ستأخذ بأقصى العقوبات.

لكن المحامي أشار إلى أن "السب من حساب وهمي غير معروف، لن يفضي إلى تحقيق في الحادثة لأن الوصول إلى صاحب الحساب يكون صعبًا".

من جهته، يقول موظف في جهاز أمني عراقي، أن السلطات في العراق يمكنها تفعيل أدوات تقنية متاحة لملاحقة مجرمين متخفين وراء حسابات وهمية، لكنها لا تفعل ذلك إلا في قضايا الإرهاب والابتزاز وجرائم كبرى، وأوضح أن "قضايا السب والقذف والتشهير لا تعد أولوية بالنسبة للأمن في العراق".

هذا ما أكدته أيضا ناشطة نسوية رفضت ذكر اسمها، حيث روت لنا أنها تعرضت لحملات تشويه ممنهجة من صفحات وهمية، ما دفعها إلى طلب المساعدة من الأمن الوطني. لكنها تلقت في وقت لاحق رداً يفيد بأن "الحسابات الوهمية لا يمكن رصدها أو ملاحقة أصحابها، وأن الجهات المعنية مكلفة في هذا الوقت بالتعامل مع حالات الابتزاز فقط، ما دفعها في النهاية إلى التخلي عن القضية وتغيير سلوكها في الفضاء العام إلى درجة تجنب نقاشات عامة في قضايا اجتماعية تخص المرأة في المجتمع العراقي.


أثر نفسي لا يؤخذ بعين الإعتبار


وفي حين يفلت أشخاص من العقوبة بسبب التخفي وراء حسابات وهمية، تعاني الفتيات من أذى نفسي لا يحظى كثيرًا باهتمام المجتمع، حيث تقول طيبة محمد، وهي معالجة نفسية، " أن المراهقات حديثات العهد بمواقع التواصل الاجتماعي هن الفئة الأكثر تعرضًا للأذى بسبب نقص الخبرة الاجتماعية وشعورهن بالخوف الشديد حين يواجهن عنفًا من الرجال"، مضيفة أن العديد من الفتيات يعطلن خاصية التعليق في حساباتهن لتفادي الأذى.

وأحصت المعالجة النفسية حالات تعاملت معها، وشملت "التهديد، وتشويه السمعة، والتنمر على الشكل، وحث الفتيات بطريقة عنيفة على تغيير مواصفاتهن الجسدية، مبينة أنها ورغم امتلاكها خبرة في العلاج النفسي، تخشى هي نفسها من مواجهة تعليق عنيف أو تنمر في السوشيال ميديا.

ولاحظت المعالجة، أن

سلوك عشرات النساء تغير نحو التحفظ الشديد في الفضاء العام بعد حوادث عنف لفظي أو تهديد أو تحرش، ليُصبح "النقاش في القضايا العامة حكراً على الرجال بسبب انحسار مشاركة النساء الخائفات".

وضع مختلف في دول عربية أخرى


على خلاف العراق، هناك دول في المنطقة العربية تحرص على معاقبة مرتكبي جرائم العنف والتنمر على منصات التواصل الاجتماعي.

في المملكة العربية السعودية، تتعامل السلطات مع قضايا السب والقذف بجدية كبيرة. وبحسب المحامية وجدان الحربي، "حتى لو كان الحساب وهميًا، فإن ضبطه وإحضار صاحبه وتحديد موقعه أمر مفروغ منه". وتصل العقوبة إلى الحبس لمدة سنة مع دفع غرامة ب500 ألف ريال سعودي.

أما في الكويت، فتقول مسؤولة في وزارة الداخلية، رفضت ذكر اسمها، أن بلادها تتعامل مع قضايا السب والقذف بحزم وفق نصوص قانونية، حيث تصل الغرامة إلى 16 ألف دولار، ولا تتوقف الإجراءات إذا كان الحساب وهميًا، بل يتم ضبط صاحبه وإحضاره فور تحديد مكانه.

وفي مصر، أفادت هالة أحمد وهي أستاذة في القانون الجنائي، أن السلطات تحضر المطلوبين في قضايا السب والقذف والتشويه بشكل عاجل إذا تقدمت امرأة بشكوى، حتى لو كانوا يتخفون وراء حسابات وهمية.


فمتى يحدث التغيير المنشود في العراق…


لقد تم انتاج هذا المقال تحت اشراف منظمة المساعدات الانسانية والصحافة (AHJ) ضمن مشروع "قريب" برنامج اقليمي تموله الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) وتنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الاعلامية (CFI)

Comments


Follow Us !

Thanks for submitting!

  • Facebook
  • Instagram
  • Twitter

Thanks for submitting!

فتيات ضحايا لهيمنة العادات بمستقبل مجهول.png
bottom of page