تبددت أحلام فاطمة السعدي (٢٥ سنة)، ورضخت لضغوط أسرتها وأجبرت على الزواج من شخص لا تعرف عنه شيئاً حين كانت في السابعة عشر من العمر. اجتهدت الفتاة رغم مسؤولياتها الجديدة كزوجة، وتمكنت من اقناع زوجها بعد سنتين بالسماح لها بالعودة الى الدراسة في المرحلة الاعدادية ولكن بشروطٍ.
تقول فاطمة، "تفوقت في دراستي ونلت المركز الاول بمدرستي وحصلت على معدل 99%، مما أتاح لي دراسة الطب، لكني واجهت معارضة شديدة من زوجي الذي اعتبر ذلك انتهاكا للاتفاق السابق، فخيرني إما التنازل عن شهادتي ومستقبلي أو الطلاق".
وتواصل فاطمة:"وجدت نفسي أمام قرار مصيري، فإما أن أختار مستقبلي وأتطلّق من زوجي، أو أتخلى عن دراستي وحلمي. ما ساعدني في اتخاذ قراري كان موقف أسرتي الذي تحول من الإعتراض الى الدعم والمساندة منذ لحظة قبولي في كلية الطب".
اختارت فاطمة الطلاق، واعتبرته ضريبة لتحقيق احلامها، شقت طريقها بنجاح لإكمال دراستها في الطب في الخامسة والعشرين من عمرها، رحلة علمية قضتها في الانخراط بالمؤسسات الصحية. ولم تتوقف أمالها عند هذا الحد، بل شاركت في نشاطات وفعاليات إنسانية كثيرة مع منظمات دولية.
ارتفاع حالات الطلاق
تشير إحصائيات رسمية لمجلس القضاء الأعلى في العراق، إلى تسجيل 80 ألف حالة طلاق في العام 2020، كانت ضمن حالات التصديق للطلاق الخارجي والتفريق بحكم قضائي، تصدرتها العاصمة بغداد، إذ أن أكثر من 23% من حالات الزواج قد انتهت بالطلاق، أي أنه على كل 4 زيجات، تنتهي واحدة منها بالطلاق في مختلف مدن العراق.
ويرى مراقبون وخبراء في مجال القانون، أن هذه الأرقام تُعدّ "مؤشرات خطيرة لحالات الطلاق في العراق، حيث من المتوقع أن ترتفع معدلات الطلاق في 2021 إلى مليون حالة".
تغيير في العقليات
تعتبر مريم الإبراهيمي (٢٦ سنة)، طبيبة، أن "زميلتها فاطمة اصبحت مثالا للمرأة الناجحة، فهي لم تتوقف عن طموحاتها وأحلامها بعد الطلاق من زوجها فحسب، بل أكملت دراستها، وكونت فريقاً تطوعياً داخل العراق، فضلاً عن مشاركتها في نشاطات إنسانية عالمية".
وأضافت الابراهيمي، أن "فاطمة استطاعت رفع التحدي، دون انتظار دعم أي شخص، فقد أزعج نجاحها الكثير ممن ينظرون إلى المرأة بشكل سلبي في مجتمعاتنا، معتبرة "أن الزواج المبكر، وزواج القاصرات والوضع الاقتصادي والاجتماعي هي من أكبر الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق في العراق".
وترى الناشطة في مجال حقوق المرأة والباحثة الاجتماعية، هدى حميد، أن هناك "انقساماً وشرخاً كبيراً في المجتمع العراقي حيال إكمال المرأة لمسيرة تعليمها، فبعض الأسر تُشجّع الفتيات على إكمال تعليمهن لتحقيق أحلامهن، أما البعض الآخر فيرى أن وجود الفتاة في بيت أهلها أو زوجها هو الأنسب لها، كي لا يحصل تقصير في آداء واجباتها المنزلية".
وتضيف حميد، أن "بعض الفئات في مجتمعاتنا أصبحت واعية، ومدركة أن حصول المرأة على وظيفة، يساهم في مساعدة أسرتها أو زوجها على توفير المال لمواجهة متطلبات الحياة القاسية، على الرغم من وجود تقصير واضح بالنسبة للموظفة فيما يخص اهتمامها بصحتها أو جمالها، أسوة بباقي الفتيات العاطلات عن العمل، نظرا لكثرة انشغالاتها ومسؤولياتها".
Comments